اليمانيون بين خنجر الخيانة والرجل الرشيد ..!!
بقلم/ احمد الشاوش -
نعيش اليوم عصر التناقضات والتحولات الفكرية والثقافية والمذهبية والسياسية والجغرافية بفعل تدفق المال الحرام والنفس الامارة بالسوء والخناجر المسمومة ، واكليشة الغاية تبرر الوسيلة وسياسة فن البرم والنفاق والخيانة، بعد ان أصبح آلاف المتحولين فكراً والمنافقين والانتهازيين والامعات من الحكام والمحكومين أصحاب نفوذ بمدافع العم سام وبندقية دول النفط لأسقاط الانظمة وحصد البشر وبيع السيادة وتجزأه البلاد وتدمير المنجزات وافقار الشعوب وتشريدها والذهاب بها الى مقابر جماعية لأناقة لهم فيها ولاجمل.
والمشكلة ان القيادات العقيمة والطارئة تفتقد الى العقل الناضج والتفكير السليم والحكمة البالغة والإرادة ، وان هذه الخلايا السرطانية المسيسة والفتاكة ابتلى الله بها قطيع الامة العربية والاسلامية في غياب "العلم" والتربية وسياسة التجهيل وتغييب الفكر وتجفيف منابع الثقافة والمعرفة وقيم التسامح والتعايش والتداول السلمي للسلطة التي تبني وتنفع الناس.
ومن المؤلم حقاً في اليمن المتقلب كالطقس ان تتحول " الدولة" في صنعاء وعدن وتعز والحديدة،، الى جابي ضرائب وجمارك وزكاة ودعم ومجهود دون ان يلمس المواطن والموظف أي خدمة رغم الدخل الرهيب ، وصار المواطن الصالح لايؤمن أو يثق بها ونُخبها وقضاياها أو يُعير خطاباتها الطنانة أي اهتمام في ظل غياب العدالة وصناعة الازمات والمتاجرة بأقوات الناس دون ان تُقدم السلطات أتفه خدمة وهي دبة "الغاز" و"المرتبات" وضبط الاسعار ومحاربة الفساد، ورفع المظلومية عن المخطوفين والسجناء والسجينات سياسياً ووقف مهاجمة المنازل بدلاً من سياسة جوع كلبك يتبعك التي عفا عليها الزمان ، والشاهد يرى ان جميع الاحزاب والتيارات السياسية لم يعد لها رصيد لدى الجماهير ، واقرب مثال نفور الناس من الوقفات الاحتجاجية بعد صلاة الجمعة ، او حتى في الفعاليات.
نحن مع الاسف الشديد في زمن الافك والنفاق والصدمات والاقوال التي تُخالف الافعال و الخطابات الاستهلاكية وحمى مزايدات المناسبات والاعياد والمؤتمرات تحت رماح العروبة وسهام الاسلام وخناجر الوطنية وسيوف القومية واضطراب الهوية وحقيقة الجهاد وفشل التنمية وتجزئة الوحدة.
مازال الكثير منا يعيش خارج اطار التاريخي رهينة للماضي بكل سلبياته وايجابياته وقصص السلف والخلف وقضايا داحس والغبراء والف ليلة وليلة والواد سيد الشغال ، بينما واقع اليوم يؤكد اننا نفتري على الله الذي قال وجادلهم بالتي هي أحسن ، والنبي محمد الذي قال انما بُعثت لأتمم مكارم الاخلاق ، والقرآن الكريم الذي يدعو الى التسامح والتعايش والسنة النبوية القاتل والمقتول في النار ، تجردنا من اخلاق الصحابة والامام علي عليه السلام والحسن والحسين رضي الله عنهما بعد ان اختلفنا وتمردنا على القيم العظيمة وايمانهم الصادق وطوع الطامعون في الحكم كل ذلك الى مجرد عناوين ونصوص مفصلة كالثوب في خدمة الحاكم والحاشية .
وتحت يافطة الخليفة والملكية والجمهورية والاسلام السياسي ، والعلمانية ، والوطنية والقومية والتقدمية والليبرالية وولي الامر والنسب يزرعون الكراهية والحقد والفجور والفتنة وضرب النسيج الاجتماعي واحياء حروب الماضي الدموي ، واغلاق المستقبل المشرق ، لان الكثير من تجار الحروب لا يعيش إلا في الظلام الدامس ولا يتحرك إلا في الفوضى ، ولايتحول الى طرزان إلا بمال وسلاح ومخططات الاجنبي لقمع الشعوب ونهب الثروات ورهن سيادة الاوطان والقضاء على التعليم وملاحقة العقلاء والحكماء والشرفاء والنُقاد والمعارضين المجردين من أي تبعية أو مصلحة سوى المشاركة في بنا الوطن والعيش في سلام وأمان واستقرار.
لقد كشف لنا الربيع العربي وفي رواية العبري وحتى اللحظة ان الحروب في الوطن العربي " مبرمجة" وعبثية للتخلص من الجيوش واغراق النسيج الاجتماعي في الفوضى وتحويل البلدان الى اقاليم ومشيخات وسلطنات وكانتونات وان معظم حكام اللحظة أكثر استبداداً وبيعاً وشراء ومقاولة وتطبيعاً مع محاور الشر بلا استثناء في سبيل الانفراد بالسلطة والتحول الى وكلاء ورؤساء مخافر شرطة لتنفيذ مخططات واستراتيجية الدول الكبرى.
وفي ظل الفوضى والمتغيرات العاصفة فقدنا السياسي المخضرم والدبلوماسي الداهية ورجل الدين الصادق والانسان الحكيم والمثقف الرائع والمعلم الجدير والتربوي القدير والجندي الامين والقاضي النزيه والمفاوض اللبق والموظف المتخصص والتاجر الامين.
وصار المبدع والمتعلم والمتخصص والاكاديمي والوطني والشريف مصدوماً مما آلت اليه الاوضاع ونكرة في عالم الجهل والفوضى والرعب المنظم والتهم الملفقة ، والجاهل واللص والفوضوي والقاتل والماجور والمرتزق والامعة عامل هدم للفرد والاسرة والمجتمع والدولة ومحاربة الله والناس في الارض.
لذلك لم تعد القيم هي التي تحكم المجتمع اليمني والعربي اليوم ، ولم يعد القرآن والسنة ومكارم الاخلاق والتربية الحسنة والتعليم هي المنهج الحقيقي ، بل الحقد والكراهية والفجور و " الثقافة الساقطة والتبعية والمال" العربي والاجنبي المدنس الذي انعم الله به على بعض "سفهاء" النفط ، ولقطاء الغرب لدعم وتمويل الديكتاتوريات و الجماعات الارهابية والمشاريع الصغيرة وقيادات الاحزاب الدينية المسيسة والتقدمية الغارقة في ملذات الانظمة الرجعية لتهييج المجتمعات وقلب الاوطان وتدمير الجيوش والمقدرات وافقار الشعوب ، خدمة للصهيونية العالمية في مقابل البقاء على كراسي العرش وتبديد ثروات الامة وتقديم القرابين البشرية في ساحات الموت خدمة للجلاد الأمريكي وتنفيذاً لبروتوكولات حكماء صهيون.
والغريب ولاغريب إلا الشيطان ان يتحول الناصري بلمسة زر الى رجعي والمؤتمري بطرفة عين الى حوثي وماركة اخونجي والاصلاحي بلمح البصر الى عبري ، والحوثي الى ايراني والاشتراكي الى ليبرالي ، والزيدي الى شافعي والشافعي الى شيعي والشوعي الى سني والوهابي الى سعودي والقاعدة الى قطري وتركي والداعشي الى امريكي ، والمثقف الى تاجر شنطة وبياع للمواقف ، وتزوير التاريخ .
كنا نسمع في صنعاء وغيرها من المدن اليمنية القرآن الكريم بصوت عبدالباسط عبدالصمد والطبلاوي والمنشاوي والسديس والقريطي ومحمد حسين عامر والحليلي في المنازل والمساجد والسيارات ونسمع خطاب الترهيب والترغيب في المساجد لمشايخ الاخوان ، لكن الكثير منهم لم يعملوا بالقرآن قلباً وقالباً بعد ان سيسوا كل شيء ودمروا كل شيء حتى على انفُسهم ، بينما اليوم مسيرة قرآنية شعارها " القرآن" وصوت الزامل هو الاقوى على مدار الساعة ، لذلك لم نعد نسمع القرآن إلا في حالة الوفاة او شهيد سقط في المعركة أو من رمضان الى رمضان مكفرات ، لذلك نقول لانصار الله قليل من الزامل كثير من ذكر الله ، ألا بذكر الله تطمئن القلوب.
أخيراً.. كلمة للجميع نقول لمصلحة من كل هذا الانحطاط والسقوط والمزايدة والتآمر والنفاق والخيانة والفوضى والتجويع والصراع والدمار والدماء والنعوش والمقابر والحروب والاطلال تحت عناوين الله والوطن والثورة والشرعية والعدوان والسيادة والوصاية والمبادئ التي تحمل اكثر من علامة تعجب واستفهام..
لا ننكر ان هناك قادة ورجال صادقين في كل الاحزاب وسلطات الدولة يريدون حقن دماء اليمنيين واستقلال البلاد ، لكن يظل المنافقون وتجار الحروب لهم الصوت الاقوى ومن وراءهم واشنطن ، فهل من رجل رشيد يلملم صفوف وجراح وكلمة اليمانيين ويُنقذهم من الثارات القادمة ومحرقة الشرق والغرب؟ ..
أملنا كبير.